الإدمان و مسبباته

10 أبريل 2023
واحة التحليل
الإدمان و مسبباته

أحد القضايا الهامة التي تشغل بال الكثيرين هي مشكلة الإدمان و عدم فهم مسبباتها. فالإدمان بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية هو مرض سلوكي مزمن يتشكل في فقدان السيطرة عند مادةٍ معينة. قد يتشكل فقدان السيطرة هذا على هيئة إدمان الألعاب ، أو إدمان العمل ، أو إدمان العلاقات الإجتماعية ، أو قد يتشكل في محور حديثنا هذا على هيئة إدمان تعاطي المخدرات . الأمر الذي يجعل المدمن في حالة قاسية و دائمة لتعاطي مواد معينة بشكل مستمر بلا أي إكتراث لما قد تسببه هذه المواد من أضرار . و يعد الإدمان من المشاكل الخطيرة التي يعاني منها شريحة كبيرة لا يستهان بها في المجتمع. حيث من الممكن أن يؤدي الإدمان إلى تدمير الحياة الإجتماعية والصحية والنفسية للمدمن و من حوله .


أحد أهم مسببات الإدمان هي مشاكل العلاقات الإجتماعية و العاطفية للشخص . فحين تشتد وطأة ضيق الوحدة و الإكتئاب على أحدهم ، يكون الخيار هو استخدام المواد المخدرة أو الكحول كوسيلة للهروب من الواقع . وحين يشعر المدمن بالنشوة اللحظية والراحة المؤقتة من تلك الأعراض المزعجة ، يُتّخذ القرار بسلوك طريق مظلم لا يُرى فيه معوقات الحياة طالما أنه تم إقصاء تلك المشاعر السلبية بسهولة . ففي حالة الكرب مثلاً ، كفقدان العمل ، أو الطلاق ، أو حتى موت شخص قريب من المدمن ، يعلم أنه يستطيع القفز من أقصى درجات الحزن إلى أعلى طبقات الفرح خلال بضع دقائق . فيعتقد ، متوهماً ، أنه يملك العلاج السحري لجميع مشاكله طالما أنه يملك المادة التي تسلبه أغلى ما يَملًك : نعمة عقله .


تلعب العوامل البيولوجية و الوراثية دوراً كبيراً في رحلة المدمن ولكن رغم بساطتها فهي تعتبر جزء هام لابد من التمعن فيه و أخذه بالإعتبار عندما يحين وقت تغيير نمط حياة المدمن . فمسألة علاج الإدمان تتطلب تحديد المسببات الرئيسية و جميع العوامل التي فاقمت بوجودها إعتمادية الشخص المدمن على تعاطيه . وحينئذٍ يمكن للشخص إنتشال نفسه من براثن الإدمان لكي يعيش حياةً أفضل مفعمة بالصحة و الإيجابية .


و تعد مشكلة الإدمان من أخطر المشكلات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، وهي آفة تتسلل إلى كل شريحة اجتماعية دون استثناء. فالإدمان لا يفرق بين كبير وصغير، غني وفقير، ذكر وأنثى، بل يمسى الجميع دون تمييز. لقد أصبح هذا المرض العضال يشكل تهديدًا خطيرًا على الأفراد والمجتمعات، وبات يستدعي تكاتف الجهود لمواجهته والقضاء عليه.


أسباب انتشار الإدمان:

تتعدد الأسباب التي تساهم في انتشار ظاهرة الإدمان، ومن أهمها:


  • الضغوط النفسية: يعاني الكثير من الأفراد من ضغوط نفسية كبيرة في حياتهم اليومية، مما يدفعهم إلى البحث عن ملاذ آمن للهروب من هذه الضغوط، فيجدون أن المخدرات والكحول هي الحل السريع والمؤقت.
  • الفراغ: يشعر العديد من الشباب والشابات بالفراغ والملل، مما يدفعهم إلى تجربة المخدرات بحثًا عن الإثارة والتسلية.
  • تأثير الأصدقاء: يلعب الأصدقاء دورًا كبيرًا في حياة المراهقين والشباب، وقد يؤدي الضغط من الأصدقاء إلى تجربة المخدرات.
  • العنف الأسري: يعاني بعض الأطفال والشباب من العنف الأسري والإهمال، مما يؤدي إلى اضطرابات نفسية تدفعهم إلى الإدمان.
  • التسويق الإعلامي: يساهم الإعلام في نشر ثقافة الاستهلاك والبحث عن السعادة اللحظية، مما يشجع على تجربة المخدرات.


تأثير الإدمان على الفرد والمجتمع:

يترك الإدمان آثارًا سلبية بالغة على الفرد والمجتمع، حيث يؤدي إلى:

  • تدهور الصحة الجسدية والنفسية: يؤثر الإدمان على جميع أجهزة الجسم، ويسبب العديد من الأمراض المزمنة، كما يؤدي إلى اضطرابات نفسية حادة مثل الاكتئاب والقلق.
  • تدمير العلاقات الاجتماعية: يدمر المدمن علاقاته مع أسرته وأصدقائه، ويصبح منعزلًا عن المجتمع.
  • ارتكاب الجرائم: يلجأ المدمنون إلى ارتكاب الجرائم للحصول على المال اللازم لشراء المخدرات.
  • زيادة الأعباء على المجتمع: يكلف علاج المدمنين مبالغ طائلة، كما يؤدي الإدمان إلى زيادة معدلات الجريمة والعنف.


سبل الوقاية والعلاج:

لمواجهة مشكلة الإدمان، يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية والعلاجية، ومن أهمها:

  • التوعية: نشر التوعية بأخطار الإدمان وآثاره السلبية على الفرد والمجتمع.
  • بناء مجتمع قوي: العمل على بناء مجتمع قوي يعتمد على التعاون والتآزر، وتوفير بيئة آمنة للأفراد.
  • دعم الأسرة: تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأسر، وتعزيز التواصل بين أفراد الأسرة.
  • العلاج: توفير برامج علاجية متكاملة للمدمنين، تساعدهم على التخلص من الإدمان والعودة إلى الحياة الطبيعية.


ختامًا:

إن مشكلة الإدمان تتطلب تضافر جهود جميع أفراد المجتمع، من الحكومة إلى المؤسسات الأهلية والأفراد أنفسهم. يجب أن نعمل جميعًا على توفير بيئة صحية وسليمة للأجيال القادمة، وحمايتهم من مخاطر الإدمان.